الاستشراق الاصولي: رؤية في الفلسفة الدينية للاستعمار الثقافي
Keywords:
الفلسفة ، اللاهوت، السياسية، الاستشراق، الأصولية ، الاستعمارAbstract
رغم محاولات الاستشراق الجديدة والهجمات التبريرية للشرق، عمليات الغزو وتوسع حملات الاستيطان الصهيوني في فلسطين، ونقل مقر السفارة الأمريكية للقدس بعد ما سمي بـ "صفقة القرن" التي تفاوضت إيران وتركيا نيابة عن الطرف العربي، وليس الأمر متعلق هنا بفشل الاستشراق، ولكن فشل الشرق نفسه في معالجة الأخطاء التي وقع فيها، كذلك فشل في رد الاستشراق الذي فشل هو الأخر في التعامل مع المنطقة وفق النظرية البوبرية كبديل عن البنجورونية، والأمر طبيعي لأنه نزعة استعمارية هدفها النفط وأمن إسرائيل، وهذا ما يهدد الأمن منظومة القومي العربي الذي جاء في منظور الاستشراق الجديد بأنهُ رغبة للإجهاز على ما تبقى من كتلة ممانعة، ومعارضة للغرب الاستعماري على الأقل ممانعة بوصفها خطاب رسمي.
فيما يمكن القول بنوع من التهكم بأن فشل الاستشراق القديم أتاح الفرصة لبروز العولمة، فيما ثبت فشل الاستشراق الجديد كان مقدمة لظهور مرحلة ما بعد الاستشراق وهي دلالة كافية لفشل الفعل لتظهر الردود متلاحقة على شكل صدمات، انتقادات، روافض، معترضات، لن تنتهي بغير مواجهة حقيقية وهذا ما يهدد مستقبل الشرق الأوسط على مدى العشرين سنة القادمة خاصة إذا ما نظرنا إليه من منظور لاهوتي صارم التوراة والقرآن.
وأشد ملاحظة يمكن أن نسجلها هنا في المأثر والطعون هو أن الاستشراق نتاج لتدوين الغربيين الحانقين على الشرق أو الخائفين من عودة الإسلام (حلم فتح الاندلس)، وهنا يتأكد لنا وصف الاستشراق، هذه التصورات السلبية هي من أسست الاستشراق، وغذت الاستعمار بالمقدس والديني والموناد اللاهوتي من أجل السيد المسيح حتى بات حتمياً أن يصور جورج بوش (الأبن) وهو يقتل أطفال العراق ويبيد أكواخهم على أنه المسيح العائد ثانيةً ليقدم خدمة جليلة للرب.
المخيف في نظريات الهيمنة الأمريكية أنها قلب طاولة القيم على بعضها، وكركبتها، فلم تعد البيغيدا، والإسلاموفوبيا مرض نفسي غربي من الإسلام، بل أصبحت الإسلاموفوبيا داخل المحيط العربي الإسلامي، الخوف من الإسلام على المسلمين، وهذه هي فكرة تعاطف الاستشراق مع نظريات الهيمنة والاستثنائية الأمريكية، أن تخلق عدونا من داخلنا بأسم الأصولية الدينية، بصيغتها الإسلاموية الراديكالية كتدمير لمقدرات المجتمعات العربية من الداخل، وهذا هو جديد الاستشراق، باستهلاك كامل للمقدس.